بداية .. ماهي الضغوط الداخلية ؟
هي ـ في الغالب ـ ضغوط نفسيّة
تنجم إمّا عن تنازع واصطراع بين ما يريده العقل وما تريده العاطفة .
وإمّا عن التزاحم بين الأعمال والهوايات ،
أو الإخفاق في تحقيق مسعى أو هدف معيّن ،
أو العجز عن نيل درجة أو حاجة أو موقع معيّن .
فكثيراً ما يعيش بعض المراهقين صراعاً غرائزياً حاداً
بين ما تهواه نفوسهم وما تتحكم به عقولهم من ضرورة الصبر والتريث
حتى يحين موعد النضج والقدرة على الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية .
وقد يصابون بضغوط نفسية شديدة نتيجة الفشل الدراسيّ ،
أو مواجهة مشكلة معيّنة ، كأن يكون ضعيفاً في مادة دراسية ،
وبدلاً من أن يصمّم على اجتياز هذه العقبة بمزيد من الدرس والفهم
والاستيعاب والمواظبة وطلب المعونة ،
تراه يعيش العقدة والكراهية لتلك المادة مما يجعله يعيش ضغطاً نفسياً
يصل إلى درجة التأفّف والاختناق ، كلّما تذكّر أ نّه مطالب باجتيازها .
أو تراه يرغب بالوصول إلى القمّة بسرعة خاطفة ،
حتى إذا اصطدم بحقيقة صعود السلّم درجة درجة ،
عانى من الضغط أو الألم النفسي المبرّح
لأنّ غيره سبقه إلى القمّة وهو ما يزال على السفح ،
من غير أن يدقّق النظر في أنّ الذين على القمّة
لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه بطريقة الإزاحة أو التسلّق أو حرق المراحل ،
وإنّما جدّوا واجتهدوا وزرعوا وحصدوا .
وغالباً ما يكون التزاحم بين عملين ،
لا تحسم الأرجحيّة لصالح أحدهما ،سبباً في الضغط النفسيّ ،
فقد يخيّر التلميذ أو التلميذة نفسيهما بين مسؤولية الدراسة
وأداء التكاليف المدرسية ، وبين مشاهدة فيلم جميل ،
أو مباراة مهمّة ، وقد يقبلان على المشاهدة
لكنّهما يجدان المتعة منغّصة وغير كاملة ،
لأنّ الوقت يمضي والتكاليف تنتظر .
وقد يقع التزاحم بين التلفاز والصلاة ،
فيكون الضغط النفسي ناتجاً عن تأخير الصلاة ،
والتقاعس عن أدائها في وقتها ،
والشعور بأنّها أقلّ أهميّة من مادة تلفزيونية .
وربّما يكون بين متطلبات الدراسة والرغبة في النزهة
أو اللعب أو زيارة الأصدقاء ،
أو إنجاز بعض المسؤوليات البيتية .
إنّ حلّ هذه الأزمات الصغيرة ،
أو تجاوز هذه الضغوط ـ أنّى كان حجمها ـ
لهو بيد الشاب أو الفتاة نفسيهما .!!!
إن تنظيم الوقت ، وترتيب سلّم الأولويات ،
وإعطاء كلّ ذي حقّ حقّه ، وتقديم ما لا يحتمل التأخير ،
أو يكون في تأخيره خسارة معيّنة ،
سوف يبدّد
الكثير من الضغوطات الطارئة .
ذلك أ نّك أحياناً قد تشعر بالانقباض النفسي
ولا تدري سبباً لذلك ،
ولو قمت بتحليل شعورك هذا لرأيت أنّ مكوّناته هي
ضغط صغير هنا ،
وضغط صغير هناك اجتمعا فضيّقا الخناق عليك .
وقد تأتي الضغوط الداخلية من جرّاء الضجر والرتابة والملل ،
ولذا فإنّ التغيير الايجابي البسيط ربّما يحوّل سمفونية حياتك الرتيبة
إلى نغمات عذبة ودافئة ومسلية .
حاول ـ مثلاً ـ تغيير الشارع الذي تسير فيه إلى مدرستك أو عملك ،
أو غيِّر طريق العودة منهما ،
استبدل قميصاً بآخر وليس من الضروري أن تشتري جديداً،
استبدلي العطر الذي تستعملينه ، أو تسريحة شعرك .
وربّما كان زيارة لصديق أو نزهة في حديقة ،
أو قراءة في كتاب تميل إلى الاستزادة في موضوعه ،
وغير ذلك مما يتفنّن كلّ شاب وفتاة ،
ففي الحديث :
«إنّ القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فتخيّروا لها طرائف الحكمة» .
والمراد بـ (طرائف الحكمة) كل ما هو جديد ،
أو فيه مسحة أو نفحة من التجديد ،
ذلك أنّ «لكلّ جديد لذّة»
حتى لو كان التجديد في تغيير مكان الطاولة من الزاوية التي تقبع فيها .
إنّ زيارة الصديق المخلص الثقة
الذي تحبّه ويحبّك وتشتاق له ويشتاق إليك ،
وترتاح له ويرتاح إليك ،
لا سيما إذا كان مؤمناً محبّاً للخير ودوداً ،
من أهم أساليب الترويح عن النفس ،
والتخفيف من الضغوطات المتراكمة عليها ،
علاوة على ما فيها من قربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم..